أكّد قيّم دير مار مارون عنايا الأب لويس مطر، أن "مسيرة المسيح هي مسيرة خلاصيّة، وهو أتى من اجل البشرية كلها وليس فقط من أجل المسيحين، والرجاء هو عيد الفرح عيد السلام"، معربًا عن أسفه "اننا في بعد كبير من التواضع، ولا نسأل عن فقير او محتاج، على الرغم من ان المسيح هو بعين كل فقير"، مشددا على "ضرورة التواضع والعيش والاحساس مع الموجوع".
وأشار في حديث إلى قناة الـ"LBCI" بمناسبة عيد الميلاد، إلى "قصة القديس شربل، التي بدأت مع ولادته في 8 ايار 1828 في بقاعكفرا من لبنان الشمالي، في أعلى قرية من لبنان. ترك يوسف (الاسم الحقيقي للقديس شربل) بيت أبيه بعمر الثالث والعشرين، وقصد الترهّب في الرهبانية المارونية اللبنانية، حيث دخل الابتداء في دير سيدة ميفوق، ثم انتقل إلى دير مار مارون عنايا حيث أتم عامه الثاني من الابتداء".
ولفت الى أن "الأب شربل أقام في دير مار مارون عنايا بعد سيامته، مدة 16 عاماً، متمرساً بأسمى الفضائل الرهبانية، ولا سيما فضيلتي التواضع والطاعة، وقد أجرى الله على يده في الدير آيات باهرة، منها "آية السراج" الذي ملأه له الخادم ماءً بدل الزيت، فأضاء له ساعات صلاته الليلية".
وأوضح أنه "طلب من رؤسائه، الاستحباس في محبسة دير عنايا، فأذنوا له بذلك عام 1875، حيث قضى فيها 23 سنة. فقد أطلق العنان في المحبسة لكل رغائب قلبه السخي العطاء، فضاعف أعماله التقشفية وزاد شغفاً بالتأمل والصلاة والاستغراق بالله، حتى أصبح "إنسانا سكران بالله"، مبيّنًا أنّ "من تقشفاته أنه كان يركع على طبق من قصب ذي حروف شائكة، يلبس المسح على جسده، ينام قليلاً ويصلّي كثيراً ويعمل في الحقل عمل اليد، كان يأكل فضلات الأكل، يعمل في كرم العنب ولا يأكل منه".
واعتبر مطر أن "شربل علم ان لا خلاص إلّا من خلال الربّ، وليس من خلال الزعماء الذي يعبدونهم اللبنانيين". وذكر أن خلال الـ"23 سنة، مار شربل فعل عجائب وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، وهو تخلى كليا عن اسمه وامه ومنزله، ولم يرغب في العودة عن هذا التخلي، فحين أتت والدته لزيارته في الدير، رفض، وقال لها "بكرا منتلاقى بالسما".
وأضاف أن في "عام 1898، في الأسبوع السابق لعيد الميلاد، شرع الحبيس يتلو القداس كعادته، فما أن تلا كلام التقديس وبلغ إلى رفعة الكاس والقربان، تاليا صلاة "يا أبا الحق"، حتى أصابه عارض الفالج، فاستمر رافعاً الكأس والقربان وأصابعه متشنجة عليه، تمكن رفيقه الأب مكاريوس من نزع الكأس والقربان من يديه وحمله إلى غرفته، قاسى أوجاعاً مرة، مده ثمانية أيام، دون أن ينقطع عن إتمام قداسه، إلى أن أسلم روحه بكل هدوء مساء عيد الميلاد عام 1898".
وذكر أن "الأب شربل دُفِنَ في مقبرة الدير العمومية، وقد شاهد أهلُ الجوار ليلة دفنه نورا يتلألأ فوق ضريحه، وتكرر ظهور النور طوال 45 ليلة، ولكثرة الخوارق، أذن البطريرك الياس الحويك بفتح قبره، فوُجدَ جسمه سالماً من الفساد، وجرى من خاصرته دم ممزوج بماء، وأخذ جثمانه ينضح عرقاً دموياً، وأُعيد جثمانه إلى قبر جديد عام 1926. وفي 22 نيسان سنة 1950، كشفت على الجثمان لجنتان طبيّة وكنسية، وأكدت ان جثمانه سليماً صحيحاً كما كان قبلاً، مغموراً بدمه".
ولفت الى أن "خبر هذه الظاهرة انتشر، فتهافت الناس إلى الدير، وتكاثرت حول الضريح حوادث الشفاء من أمراض متنوعة مستعصية. وعام 1965، في ختام المجمع الفاتيكاني الثاني، رفعه البابا بولس السادس إلى شرف الإكرام على المذابح وأحصاه في مصاف الطوباويين، وقد تشيّدت على اسمه كينسةٌ في عنايا، قرب ضريحه، وفي عام 1976، تم فتح القبر، وفي هذه المرة وجد الجثمان متحلل تماما وما بقي منه سوى العظام، وقد أعلن البابا بولس السادس نفسه الطوباوي شربل قديساً في التاسع من شهر تشرين الأول 1977".
وفيما يخص العجائب التي فعلها القديس شربل، شدد على "اننا لا نسجل اعجوبة الا بوجود تقرير طبي من المستشفى يُظهر الوضع الصحي قبل وبعد الأعجوبة، وأي أعجوبة بلا تقرير لا يمكن أبدا تسجليها"، مشيرا الى أن "هناك بعض الحالات التي يستحيل فيها وجود تقرير طبي"، موضحا أنه حتى اليوم أصبحوا 29468 اعجوبة، ويعتمد العدد على وضع الناس وايمانهم وصرختهم للقديس، القديس قريب من الناس". وذكر أن "هناك دولا مثل قطر والاردن ومصر واميركا وبلجيكا واستراليا وافريقيا توجد فيها كنيسة لمار شربل".
واشار الى ان "مار شربل هو قديس لبنان، عائلته لبنان، واللبناني يعني من ارض شربل، القديس الذي رفع اسم لبنان، وبيّض اسمه بعد الظلمة".